ما لم يقل بيننا

الشاعر الشيلي بابلو بوبليطي

 

جميع اللغات تنتمي الى الشاعرة المغربية فاتحة مرشيد.

بالرغم من أن الشاعرة لا تتقن كل اللغات إلا أنها تتكلمها جميعا.

هي، شعرها، بنظرتها الكونية الثاقبة وعوالمها المغناطيسية، بأحاسيسها الإنسانية، بسخائها الشعري. تلك التي تتفتح بحس وردة عاشقة، تلك التي تحمل على عاتقها ألم الحب بأناقة وعظمة الجمال، تلك التي تلبس كل الأطياف الجمالية متفوقة على كل تحليل مفاهيمي و نقدي ككل الأعمال العظيمة للفنانين المتميزين. هذا ما يحمله لنا بحضوره الرفيع ديوان “ما لم يقل بيننا”.

إحساس، حقيقة، سمو شعري بكلمات أطلقتُ عليها اسم: “الصمت الأخرس”، ذاك الذي لا يمكننا أن نبوح به، يمكننا فقط التعبير عنه داخل الفضاء الحميمي المقدس بقلب مرهف، متجدر، حاضر في كل واحد منا.

هذه القصائد هي إيقاعات تنهيدة تفيض بانسياب عاطفي، لترقد بشجاعة أمام مرآة الحقائق وهي تتجرد، ولو رمزيا، من الأنا والآخرون، متفوقة بذكاء إبداعي لذات مكلومة بجراح غائرة. تأخذك في رحلة شعرية نحو قلب القصائد ثم نحو منبع الألم مغيرة بذلك كل الهمائم والمسافات لهويات تخاطب الحكاية بحركية أبدية شبيهة بلعبة الين والينغ.

هنا الشاعرة هي نفس قصائدها أو هي “القصيدة” التي تنشدنا إياها، غناء، ازدهار، تحليق، تنفس وحياة، هي بحد ذاتها، فاتحة مرشيد.  لقد استطاعت بهذه القصائد التي تشبه ذاك النهر الخالد اللاّ منقطع الجريان، أن تجمع بين الولع، الغريزة الأنثوية، الشجاعة، التراجع، والاندفاع، في توازن شعري دقيق من نوع رفيع، مقدمة لنا معادلة لأحاسيس إنسانية متنوعة لعاشقين يتواجهان، يتشابكان، يتناقضان، يجتمعان، يتوحدان، يموتان ويعيشان معا. مقدمة لنا، بصورة مثالية، كل الأذواق والنفحات والعطور لثنائية “الحياة-الحب” و” الحياة- البغض” كلها ثراء، تميز، حفيف، همسات، شراسة، هيجان، جنون. إنها دموع لكلمات منتقاة كمحيط يبلل بكل زبده ورغوته ذاك الرداء الفاتن لموسيقى ساحرة، الساكنة في أعماقنا التي لا تفارقنا أبدا.

كل هذا وأكثر هي قصائد الشاعرة فاتحة مرشيد، رقيقة وحادة، كلها أمل وهيبة، حضور جسدي وروحي صاخب. أدعو القارئ المحترم لفتح هذه الصفحات لاكتشاف الجمال وتضحياته الجسام بكلمات ملتبسة، مفعمة بثنائية ” العشق- المعشوق”، تنشدها ببراعة ومهارة الشاعرة المقتدرة فاتحة مرشيد.

 

بابلو بوبليطي، شاعر، فنان تشكيلي ومحاضر شيلي فرنسي

منشورات مركز محمد السادس لحوار الحضارات

كوكيمبو الشيلي يناير 2014

 

قام بترجمة المقدمة عن الإسبانية الأستاذ زكريا بنحساين*