معرض الكويت للكتاب يصادر الفكر والخيال ويمنع الأحياء والأموات من دخوله

الرقابة تقبض على محمد شكري والطاهر بنجلون وفاتحة مرشيد من المغرب

 

امتدت يد الرقابة العربية إلى رفوف المكتبات المتنقلة في رواق الدورة الرابعة والثلاثين من معرض الكتاب بالكويت، لتصادر ثلاثة عناوين مغربية هي: “من أجل الخبز وحده” عنوان الأعمال الكاملة للكاتب الراحل محمد شكري، و” حين تترنح ذاكرة أمي” للطاهر بنجلون، و “مخالب المتعة” لفاتحة مرشيد.

أما الشاعرة والروائية المغربية فاتحة مرشيد، فقد أدركها الحذر الثقافي في الكويت، لأول مرة، بسبب “مخالب المتعة” الرواية الثانية للكاتبة بعد رواية “لحظات لا غير” . وعن هذا المنع، استغربت الكاتبة، في الاستجواب الذي ننشره ضمن هذه المتابعة، أن تكون الرقابة لا تزال “تفرض سلطتها في عهد يفترض فيه أن يتسم بحرية الرأي والتعبير” معلنة أنها “فخورة بتواجد روايتها ضمن هذه القائمة من الممنوعات الثقافية”.

 

حاورها: مخلص الصغير

 

س: كيف تتلقين خبر منع روايتك “مخالب المتعة” في معرض الكتاب بالكويت، في نهاية العقد الأول من القرن الحادي والعشرين؟ وهل بالفعل، تعيش سلطات الرقابة العربية هذا الزمن بجدارة، أم انها تنتمي في نظرك إلى عهود بائدة؟

 

ج : تلقيت الخبر بأسف، لكون الرقابة لازالت تفرض سلطتها في عهد يفترض فيه أن يتسم بحرية الرأي والتعبير، وهي فعلا تنتمي إلى عهود بائدة على حد قولك، إذ كيف يمكن منع كتاب في عصر العولمة والانترنيت، حيث باستطاعة أي كاتب أن ينشر كتابه إلكترونيا، ويجعله يعبر الحدود الوهمية إلى كل من أراد من القراء في العالم. ثم، هل يكفي أن نمنع عملا إبداعا يتصدى لظاهرة الدعارة لكي ينتفي وجودها؟

 

س: لكن، ألا يسعدك أن تكوني في قائمة الممنوعين إلى جانب الراحل شكري والطاهر بنجلون والآخرين؟

 

ج: القائمة طويلة، تضم علاوة على روايتي محمد شكري والطاهر بنجلون، كتب فكرية وفلسفية وكتب حول الدين أو السياسة أو الجنس، بمعنى كل ما يصنفونه بالطابوهات. وإن كانت هذه الكتب قد صودرت لكونها تحفز على التفكير الحر، وتعري ما تخفيه مجتمعاتنا من زيف وكبت ونفاق، فأنا فخورة بتواجدي بهذه القائمة ويؤسفني جدا أن تكون مصادرة.

 

س: بالنسبة إلى الكتاب الأحياء الموجودين في هذه القائمة الممنوعة، أليست هناك مبادرة عربية وعالمية لاستنكار ما جرى من خلال بيان جماعي؟

 

ج: لست على علم بهذا وأعتقد أن الوضع مفتوح على مثل هذه الاحتمالات…

 

س: بعد ذلك، أليس المطلوب قانونيا، وفي نزاع من هذا القبيل، اللجوء إلى القضاء، لأن الأمر يتعلق بحق مهضوم مرتبط بحرية التعبير؟

 

ج: أظن أن الدفاع المهني عن حقوق الكتاب والأدباء هو من مسؤوليات اتحاد كتاب العرب وهيئات الكتاب في الدول العربية، ومهما يكن فإن أنجع وسيلة للرد على هذا النوع من التعسفية هو الاستمرار في الكتابة والتحرر من الرقابة الشخصية أولا، وممارسة قناعاتنا والإيمان بغد أفضل. ثم إن التفكير الحر كالشمس لا يمكن لأحد حجب نوره. فكم من كتب منعت على مدى التاريخ ولا تزال موجودة ولا يزال القارئ يبحث عنها. لقد احتفل العالم منذ أسبوع بمرور عشرين سنة على سقوط جدار برلين.. إن عهد الحجر والرقابة ولى زمانه.

 

جريدة الحياة الجديدة، العدد 82، 10 دجنبر 2009